نظر الرجلان إلى الفجر فقال أحدهما: طلع، وقال الآخر: لم يطلع فليأكلا حتى يتبين لهما) ، وعن ابن عباس قال: أحل الله الأكل والشرب ما شككت. وروى وكيع، عن عمارة بن زاذان، عن مكحول قال: رأيت عمر أخذ دلوا من زمزم ثم قال لرجلين: أطلع الفجر؟ فقال أحدهما: لا، وقال الآخر: نعم فشرب، ومكحول هذا ليس بالشامى، وهو قول عطاء، وأبى حنيفة، والأوزاعى، والشافعى، وأحمد، وأبى ثور، كلهم قال: لا قضاء عليه، وليس كمن يأكل، وهو يشك فى غروب الشمس. وقال مالك: من أكل وهو شاك فى الفجر فعليه القضاء. وقال ابن حبيب: والقضاء عنده استحباب، إلا أن يعلم أنه أكل بعد الفجر فيصير واجبًا كمن أفطر وظن أنه قد أمسى ثم ظهرت الشمس، واحتج ابن حبيب لقول من أباح الأكل بالشك قال: هو القياس، لقول الله:(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ)[البقرة: ١٨٧] ، قال ابن الماجشون: وهو العلم به، وليس الشك علمًا به، ولكن الاحتياط أن لا يأكل فى الشك. ومن حجة العراقيين فى سقوط القضاء قالوا: إذا شك فى طلوعه فالأصل بقاء الليل، وقد قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (فلم يمنعهم من الأكل حتى يستبين لهم الفجر، قاله الثورى، وهذا قد أكل قبل أن يتبين له، فلا معنى للقضاء. قالوا: ومذهب العلماء البناء على اليقين، ولا يوجب الشىء بالشك، والليل عنده يقينى، فلا يزال إلا بيقين، وبهذا وردت السنة فى