ذلك، لاعتذار من شىء، أو لتبيين ما يلزمه تبيينه إذا لم يقصد بذلك الفخر. وقوله: تمت وأما الآخر لو بثثته قطع هذا البلعوم -، قال المهلب، وأبو الزناد: يعنى أنها كانت أحاديث أشراط الساعة، وما عرف به (صلى الله عليه وسلم) من فساد الدين، وتغيير الأحوال، والتضييع لحقوق الله تعالى، كقوله (صلى الله عليه وسلم) : تمت يكون فساد هذا الدين على يدى أغيلمة سفهاء من قريش -، وكان أبو هريرة يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم، فخشى على نفسه، فلم يُصَرِّح. وكذلك ينبغى لكل من أمر بمعروف إذا خاف على نفسه فى التصريح أن يُعَرِّض. ولو كانت الأحاديث التى لم يحدث بها من الحلال والحرام ما وَسِعَهُ تركها، لأنه قال: لولا آيتان فى كتاب الله ما حدثتكم، ثم يتلو:(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى)[البقرة: ١٥٩] . فإن قال قائل: قول أبى هريرة: تمت حفظت من النبى (صلى الله عليه وسلم) وعاءين -، يعارض قوله: تمت ما كان أحد من أصحاب النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أكثر حديثًا منى إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب -، فقوله: تمت لا أكتب -، خلاف قوله: تمت حفظت وعاءين -، لأن الوعاء فى كلام العرب: الظرف الذى يجمع فيه الشىء. قيل: لقوله هذا معنًى صحيح لا يخالف بعضه بعضًا، وذلك أنه