والجماع كانا محرمين فى ليل الصوم بعد النوم، فنسخ الله ذلك رفقًا بعباده، وأباح الجماع والأكل إلى الفجر، وقال تعالى:(ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ)[البقرة: ١٨٧] ، فبقى الأكل والجماع بالنهار محرمين، وأوجب عليه السلام على الواطئ فى رمضان الكفارة، فوجب أن يكون حكم الأكل فى الكفارة مثله، إذ هما فى التحريم سواء. وأما قوله عليه السلام:(من استقاء فعليه القضاء) ، فقد ثبت بقوله: عليه القضاء أنه مفطر، فإن كان استقاء لحاجة دعته إلى ذلك، فهو كالعليل الذى يحتاج إلى شرب الدواء، وهو مفطر غير مأثوم ولا ممنوع، فلا كفارة عليه، وإن كان لغير حاجة فهو منتهك لحركة الصوم، فعليه الكفارة، وقد أوجب عطاء على المستقىء عمدًا لغير عذر القضاء والكفارة، وهو قول أبى ثور، ويدخل على الشافعى التناقض فى قياسه الأكل على القىء، لأنه فرق بين الأكل والقىء فى المكره، فقال: إذا أكره على الأكل فعليه القضاء، وإن أكره على القىء فلا قضاء عليه، فيلزمه أن يفرق فى الصيام بين القىء والأكل والجماع، ولا يجمع بينها. وقد اختلف الفقهاء فى قضاء ذلك اليوم مع الكفارة، قال مالك: عليه قضاء ذلك اليوم مع الكفارة، وهو قول أبى حنيفة وأصحابه، والثورى، وأبى ثور، وأحمد، وإسحاق، وقال الأوزاعى: إن كفر بالعتق أو الإطعام صام يوًا مكان ذلك اليوم الذى أفطر، وإن صام شهرين متتابعين دخل فيهما قضاء ذلك اليوم، وقال الشافعى: يحتمل أن تكون الكفارة بدلا من الصيام، ويحتمل أن يكون الصيام مع الكفارة، وأحب إلى أن يكفر