والكفارة، وتأول الفقهاء هذا الحديث قالوا: معنى قاء أى استقاء، قال الطحاوى: ويجوز أن يكون قوله: (قاء فأفطر) أى: قاء فضعف فأفطر، وقد يجوز هذا فى اللغة، وقد روى هذا المعنى محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى مرزوق، عن فضالة بن عبيد: أن رسول الله دعا بإناء فشرب، فقيل: يا رسول الله، هذا يوم كنت تصومه، قال:(أجل، إنى قئت فأفطرت) ، وهذا معناه ولكنى قئت فضعفت عن الصيام فأفطرت، وليس فى هذين الحديثين دليلا أن القىء كان مفطرًا له، إنما فيهما أنه قاء فأفطر بعد ذلك. وأما الحجامة للصائم: فجمهور الصحابة والتابعين والفقهاء على أنه لا تفطره، وروى عن على بن أبى طالب أنها تفطر الصائم، وهو قول الأوزاعى، وأحمد، وإسحاق، واحتجوا بأحاديث (أفطر الحاجم والمحجوم) ، وقد صحح على بن المدينى، والبخارى منها حديث شداد وثوبان. قال ابن القصار: وحجة الجماعة ما رواه ابن عباس: أن النبى، عليه السلام، احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم. فإن صح حديثهم، فحديث ابن عباس ناسخ له، لأن فى حديث شداد بن أوس أن النبى، عليه السلام، قال عام الفتح فى رمضان لرجل كان يحتجم:(أفطر الحاجم والمحجوم) ، والفتح كان فى سنة ثمان، وحجة الوداع سنة عشر، فخبر ابن عباس متأخر ينسخ المتقدم، فإن قيل: لا حجة فى هذا، لأن النبى لم يكن محرمًا إلا وهو مسافر، لأنه خرج إلى مكة وأحرم ودخلها وهو مسافر، وللمسافر أن يفطر