أَسْفَارِهِ فِى يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلا مَا كَانَ مِنَ النَّبِىِّ، عليه السلام، وَابْنِ رَوَاحَةَ) . فى حديث ابن عباس إباحة السفر فى رمضان والفطر فيه، وهو رد لما روى عن على بن أبى طالب أنه قال:(من استهل عليه هلال رمضان مقيمًا صم سافر أنه ليس له أن يفطر لقول الله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[البقرة: ١٨٥] . والمعنى عنده: من أدرك رمضان وهو مسافر فعدة من أيام أخر، ومن أدركه حاضرًا فليصمه، وهو قول عبيدة السلمانى وسويد بن غفلة، وأبى مجلز، وهذا القول مردود لسفر النبى، عليه السلام، فى رمضان، وإفطاره فيه فى الكديد، وجمهور الأمة على خلاف هذا القول، لثبوت السنة بالتخيير فى الصيام أو الفطر فى السفر، ولصيامه عليه السلام فى سفره. قال ابن المنذر: وإنما أمر من شهد الشهر كله أن يصوم، ولا يقال لمن شهد بعض الشهر أنه شهد الشهر كله، لأن النبى أنزل عليه الكتاب، وأوجب عليه بيان ما أنزل عليه، سافر فى رمضان وأفطر فى سفره. قال المؤلف: ومعنى حديث أبى الدرداء فى هذا الباب هو أنه عليه السلام كان صائمًا، وابن رواحة، وسائر أصحابه مفطرون، فلو لم يجز الفطر فى رمضان لمن سافر فيه ما ترك النبى أصحابه مفطرين فيه، ولا سوغهم ذلك. وفى حديث ابن عباس وأبى الدرداء رد لقول من قال: إن الصيام فى السفر لا يجزئ، لأن الفطر عزيمة من الله وصدقة، ألا ترى صيامه عليه السلام فى السفر فى اليوم الشديد الحر، وقول أبى الدرداء: (وما فينا صائم إلا النبى، عليه السلام،