نقضي هذا اليوم؟ [فقال عمر] : ولم نقضي؟ والله ما تجانفنا الإثم '. والرواية الأولى أولى بالصواب، وقد روى القضاء عن ابن عباس ومعاوية، وهو قول عطاء، ومجاهد، والزهرى، ومالك، والثورى، وأبى حنيفة، والشافعى، وأحمد، وأبى ثور، وقال الحسن البصرى: لا قضاء عليه كالناسى، وهو قول إسحاق وأهل الظاهر. وحجة من أوجب القضاء إجماع العلماء أنه لو غم هلال رمضان فأفطروا، ثم قامت البينة برؤية الهلال أن عليهم القضاء بعد إتمام صيام يومهم، وقال المهلب: ومن حجتهم أيضًا قول الله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ)[البقرة: ١٨٧] ، ومن أفطر ثم طلعت الشمس فلم يتم الصيام إلى الليل كما أمره الله فعليه القضاء من أيام أخر بنص كتاب الله. قال ابن القصار: يحتمل ما روى عن عمر أنه قال: (لا نقضى، والله ما تجانفنا الإثم) ، أن يكون ترك القضاء إذا لم يعلم ووقع الفطر على الشك، وتكون الرواية عنه بثبوت القضاء إذا وقع الفطر فى النهار بغير شك. قال المؤلف: وقد ذكرنا فى مسألة الذى يأكل وهو يشك فى الفجر من جعله بمنزلة من أكل وهو يشك فى غروب الشمس، ومن فرق بين ذلك فى باب قوله تعالى:(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا)[البقرة: ١٨٧] الآية، وفرق ابن حبيب بين من أكل وهو يشك فى الفجر وبين من أكل وهو يشك فى غروب الشمس، وأوجب القضاء للشاك فى غروب الشمس، واحتج بأن الأصل بقاء النهار، فلا يأكل حتى يوقن بالغروب، والأصل فى الفجر بقاء الليل، فلا يمسك عن الأكل حتى يوقن بالنهار، وبهذا قال المخالفون لمالك فى هذا الباب.