وفيه وجه آخر، ذكر الطحاوى من حديث ابن مهدى، قال: حدثنا ثابت بن قيس أبو الغصن، عن أبى سعيد المقبرى، عن أسامة بن زيد، قال: كان رسول الله يصوم يومين من كل جمعة لا يدعهما: يوم الاثنين والخمس، فقال عليه السلام:(هذان يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملى وأنا صائم) ، قال: وما رأيت رسول الله يصوم من شهر ما يصوم من شعبان، فسألته عن ذلك. فقال:(هو شهر ترفع فيه الأعمال لرب العالمين، فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم) . وقول عائشة فى حديث يحيى عن أبى سلمة بأنه كان يصوم شعبان كله، فليس على ظاهره وعمومه، والمراد أكثره لا جميعه، وقد جاء ذلك عنها مفسرًا، روى ابن وهب عن أسامة بن زيد، قال: حدثنى محمد بن إبراهيم، عن أبى سلمة، قال:(سألت عائشة عن صيام رسول الله فقالت كان يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وكان يصوم شعبان، أو عامة شعبان) . وروى عبد الرزاق عن ابن عيينة، عن ابن أبى لبيد، عن أبى سلمة، قال: سألت عائشة عن صيام رسول الله. . .) فذكرت الحديث، وقالت:(ما رأيت رسول الله أكثر صيامًا منه فى شعبان، فإنه كان يصومه كله إلا قليلاً) . وهذه الآثار تشهد لصحتها رواية أبى النضر عن أبى سلمة، عن عائشة:(أنه ما استكمل صيام شهر قط إلا رمضان) ، ومنها حديث ابن عباس الذى فى الباب بعد هذا، فهى أولى من رواية يحيى عن أبى سلمة. وقوله:(فإن الله لا يمل حتى تملوا) ، فإن الله تعالى لا يجوز