أسامة بن زيد، وعورة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وسعيد بن جبير يصومون بعرفة، وقال قتادة: لا بأس بذلك إذا لم يضعف عن الدعاء، وقال الشافعى: أحب صيام يوم عرفة لغير الحاج، فأما من حج فأحب أن يفطر ليقوى به على الدعاء، وقال عطاء: أصومه فى الشتاء، ولا أصومه فى الصيف. قال الطبرى: وإنما أفطر عليه السلام بعرفة ليدل على أن الاختيار فى ذلك الموضع للحاج الإفطار دون الصوم؛ كيلا يضعف عن الدعاء، وقضاء ما لزمه من مناسك الحج، وكذلك من كره صومه من السلف فإنما كان لما بيناه من إيثرهم الأفضل من نفل الأعمال على ما دونه، وإبقاء على نفسه ليتقوى بالإفطار على الاجتهاد فى العبادة، ومن آثر صومه أراد أن يفوز بثواب صومه لقوله عليه السلام:(للجنة باب يدعى الريان، لا يدخل منه إلا الصائمون) . وقال المهلب: فى شربه عليه السلام اللبن يوم عرفة أن العيان أقطع الحجج وأنه فوق الخبر، وقد قال عليه السلام:(ليس الخبر كالمعاينة) . وفيه أن الأكل والشرب فى المحافل مباح إذا كان لتبيين معنَّى، أَوْ دَعَت إليه ضرورة، كما فعل يوم الكديد إذا علم بما يريد بيانه من سنته عليه السلام، وفيه جواز قبول الهدية من النساء، ولم يسألها إن كان من مالها أو من مال زوجها، إذا كان هذا المقدار لا يتشاح الناس فيه.