تلك اليلة للعيون ما لا يظهر فى سائر السنة من سقوط الأشجار إلى الأرض، ثم رجوعها قائمة إلى أماكنها؛ إذ لو كان ذلك حقا، لم يخفف عن بصر من يقوم ليال السنة كلها، فكيف ليالى شهر رمضان، وأما الذى خصت به هذه الليلة من دون سائر الليالى فإنها خير من ألف شهر، يعنى بذلك أن عملاً فيها بما يرضى الله ويحبه من صلاة ودعاء وشبهه خير من عمل فى ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وأنه يستجاب فيها الدعاء ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، وقال مالك فى قوله عليه السلام:(التمسوها فى تاسعة تبقى) هى ليلة إحدى وعشرين و (سابعة تبقى) ليلة ثلاث وعشرين، و (خامسة تبقى) ليلة خمس وعشرين. قال المؤلف: وإنما يصح معناه وتوافق ليلة القدر وترًا من الليالى على ما ذكر فى الحديث إذا كان الشهر ناقصًا، فأما إن كان كاملاً فإنها لا تكون إلا فى شفع فتكون التاسعة الباقية ليلة ثنتين وعشرين، والخامسة الباقية ليلة ست وعشرين، والسابعة الباقية ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخارى عن ابن عباس، فلا تصادف واحدة منهن وترا، وهذا يدل على انتقال ليلة القدر كل سنة فى العشر الأواخر من وتر إلى شفع، ومن شفع إلى وتر؛ لأن النبى عليه السلام لم يأمر أمته بالتماسها فى شهر كامل دون ناقص، بل أطلق على طلبها فى جميع شهور رمضان التى قد رتبها الله مرة على التمام، ومرة على النقصان، فثبت انتقالها فى العشر الأواخر كلها ما قاله أبو قلابة. وقول ابن عباس فى حديثه:(هى فى تسع يمضين أو فى سبع يبقين) هو شك منه أو من غيره فى أى اللفظين قال عليه السلام،