مسجدًا لا يجمع فيه، ولا يجب على صاحبه إتيان الجمعة فى مسجد سواه، فلا أرى بأسًا بالاعتكاف فيه؛ لأن الله تعالى قال:(وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِى الْمَسَاجِدِ)[البقرة: ١٨٧] فعم المساجد كلها ولم يخص منها شيئًا، ونحوه قال الشافعى: المسجد الجامع أحب إلى، وإن اعتكف فى غيره فمن الجمعة إلى الجمعة. قال المهلب: وقول أبى سعيد فى هذا الحديث: (حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين، وهى الليلة التى يخرج من صبيحتها من اعتكافه) فليس معارضًا لما روى فى حديث أبى سعيد (أن النبى عليه السلام خرج صبيحة عشرين فخطبهم) والمعنى واحد، وذلك أنه قد روى جماعة هذا الحديث وقالوا فيه: وهى الليلة التى يخرج فيها من اعتكافه. وهذا هو الصحيح؛ لأن يوم عشرين معتكف فيه، وبه تتم العشرة الأيام؛ لأنه دخل فى أول الليل فيخرج فى أوله، فيكون معنى قوله:(فى ليلة إحدى وعشرين، وهى الليلة التى يخرج من صبيحتها) يريد الصبيحة التى قبل ليلة إحدى وعشرين، وأضافها إلى الليلة كما تضاف أيضًا الصبيحة التى بعدها إلى الليلة، وكل متصل بشىء فهو مضاف إليه، سواء كان فيه أو بعده، وإن كانت العادة فى نسبة الصبيحة إلى الليلة التى قبلها؛ لتقديم الليل على النهار، فإن نسبة الشىء إلى ما بعده جائز بدليل قوله تعالى:(لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا)[النازعات: ٤٦] فنسب الضحى إلى ما بعده، ويبين ذلك رواية من روى عن أبى سعيد (فخرجنا صبيحة عشرين) فلا إشكال فى هذا بعد بيان أبى سعيد أنها صبيحة عشرين وبعد قول من روى: (فى ليلة إحدى وعشرين، وهى الليلة التى يخرج فيها