بقطع مسافة بعيدة فوجبت فيها الراحلة، أصله الجهاد، قيل: لا فرق بينهما، وعندنا أن من تعين عليه فرض الجهاد وهو قادر ببدنه على المشى، فليست الراحلة شرطًا فى وجوبه عليه؛ لأنه منكسر بالهجرة، وسيأتى بعض معانى هذا الحديث فى باب: الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة من هذا الكتاب إن شاء الله. قال المهلب: وفيه من الفقه جواز الارتداف لسادة الناس ورؤسائهم، ولا سيما فى الحج لتزاحم الناس، ومشقة الرجالة، ولأن الراكب فيه أفضل، ولا خلاف بين العلماء فى جواز ركوب نفسين على دابة إذا أطاقت الدابة ذلك، وفى نظر الفضل إلى المرأة مغالبة طباع البشر لابن آدم وضعفه عما ركب فيه من شهوات النساء، وفيه أن على العالم أن يغير من المنكر ما يمكنه إذا رآه، وسيأتى بقية القول فى قصة الفضل بن عباس فى كتاب الاستئذان فى باب قوله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ)[النور: ٢٧] . وذكر ابن المنذر قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصايغ، حدثنا عفان، حدثنا سكين بن عبد العزيز قال: حدثنى أبى قال: سمعت ابن عباس يقول: (كان الفضل رديف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن، فقال: يا ابن أخى هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له) . وقال عكرمة والضحاك ومجاهد فى قوله تعالى:(وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: ٩٧] قالوا: من كفر بالله واليوم الآخر. وقال الحسن: من كفر بالحج فلم يره واجبًا، وقال سعيد بن جبير: قال عمر بن