الإحرام منها على الإحرام مما سواها، وقد رأيناه فعل فى حجته أشياء فى مواضع لا لفضلها، كنزوله عليه السلام بالمحصب من منى، لم يكن ذلك لأنه سنة، ولكن لمعنى آخر، فلما حصب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ولم يكن ذلك لأنه سنة، فكذلك أحرم حين صار على البيداء، لا لأن ذلك سنة، وقد أنكر قوم أن يكون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحرم من البيداء، روى مالك عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه أنه قال:(بيداؤكم هذه التى تكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها، ما أهل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا من مسجد ذى الحليفة، قالوا: وإنما كان ذلك بعدما ركب راحلته) . واحتجوا بما رواه أبى ذئب عن الزهرى، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبى عليه السلام:(أنه كان يهل إذا استوت به راحلته قائمة) . وكان ابن عمر يفعله، قالوا: وينبغى أن يكون ذلك بعدما تنبعث به راحلته، واحتجوا بما رواه مالك عن سعيد المقبرى، عن عبيد بن جريج، عن ابن عمر قال:(لم أر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يهل حتى تنبعث به راحلته) . فلما اختلفوا فى ذلك أردنا أن ننظر من أين جاء اختلافهم، فذكر ابن إسحاق قال: حدثنى خصيف، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: عجبت لاختلاف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى إهلاله فى حجته، فقال: إنى لأعلم الناس بذلك، خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حاجا، فلما صلى فى مسجد ذى الحليفة أهل بالحج، فسمع ذلك قوم فحفظوا عنه، ثم ركب فلما استقلت به ناقته أَهَلَّ، وأدرك ذلك منه أقوام لم يشهدوه فى المرة الأولى؛ لأن الناس قد كانوا