عنهما كما قال ابن مسعود، وروى عنهما كقول مالك، وكان الفَرَّاء يقول:(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)[البقرة: ١٩٧] قال: الأشهر رفع ومعناه: وقت الحج أشهر معلومات، وقال غيره: تاويله أن الحج فى أشهر معلومات. واختلف العلماء فى من أحرم بالحج فى غير أشهر الحج. فقال ابن عباس: لا ينبغى لأحد أن يهل بالحج فى غير أشهر الحج لقول الله تعالى: (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ)[محمد: ٣٣] وهو قول جابر بن عبد الله، وقال الشافعى وأبو ثور: لا ينعقد إحرامه بالحج؛ لكنه ينعقد بعمرة، وهو مذهب عطاء وطاوس، وبه قال الأوزاعى وأحمد وإسحاق، واحتجوا بقوله:(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)[البقرة: ١٩٧] وقالوا: لو انعقد الإحرام فى غيرها لم يكن لتخصيصها فائدة، واحتجوا أيضًا بقول عائشة:(خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى أشهر الحج وليالى الحج وحرم الحج) . وقال آخرون: من أحرم فى غير أشهر الحج لزمه، روى هذا عن النخعى، وهو قول أهل المدينة والثورى والكوفيين، إلا أن المستحب عند مالك ألا يحرم فى غير أشهر الحج، فإن فعل لزمه، وهو حرام حتى يحج. وقالوا: إِنَّ ذِكْرَ اللهِ فى الحج: الأشهر المعلومات، إنما معناه عندهم عل التوسعة والرفق بالناس، وافعلام بالوقت الذى فيه يتأدى الحج، فأخبرهم تعالى بما يقرب من ذلك الوقت، وبيَّن ذلك بقوله عليه السلام:(الحج عرفات) وبنحره يوم النحر، ورميه الجمار فى ذلك اليوم وما بعده، فمن ضيق على نفسه وأحرم بالحج قبل أشهر الحج فهو فى معنى من أحرم بالحج من بلده قبل الميقات، ويعضد هذا قوله تعالى:(وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)[محمد: ٣٣] وقوله: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ)[البقرة: ١٩٦] ولم يخص محرمًا من محرم.