أوحى الله إليه بتجويز الاعتمار فى أشهر الحج فسخة منه تعالى لهذه الأمة ورحمة لهم بإسقاط أحد السفرين عنهم، وأمر من لم يكن معه هدى بالإحلال بعمرة؛ ليرى أمته جوازها، ويعرفهم بنعمة الله عليهم عيانًا وعملا بحضرة النبى عليه السلام. وفى حديث عروة عن عائشة ذكرت أنهم كانوا فى إهلالهم على ضروبٍ: مِنْ مُهلٍّ بحج، ومن مُهلٍّ بعمرة، وجامع بينهما، فأخبرت عمال آل أمر المحرمين، واختصرت ما أهلوا به فى ابتداء إحرامهم، ولم تأت بالحديث على تمامه كما جاء فى حديث عمرة عنها، فإنها ذكرت إحرامهم فى الموطنين، ولذلك قال القاسم: أتتك بالحديث على وجهه. يريد أنها ذكرت الابتداء بالإحرام والانتهاء إلى مكة، وأول حدودها (سرف) ، وما أمر به من الفسخ بعمرة. قال الطحاوى: ودل حديث عروة أنهم عرفوا العمرة فى أشهر الحج بما عرفهم به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وأمرهم به بعد قدومه مكة. قال المؤلف: واحتج من قال بالإفراد بقول مالك: إذا جاء عن النبى عليه السلام حديثان مختلفان وبلغنا أن أبا بكر وعمر عملا بأحد الحديثين وتركا الآخر، فإن فى ذلك دلالة على أن الحق فى ما عملا به. وقال الزهرى: بلغنا أن عمر بن الخطاب قال فى قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ)[البقرة: ١٩٦] ، قال: من تمامها أن تفرد كل واحدة من الأخرى. وقال ابن حبيب: أخبرنى ابن الماجشون قال: حدثنى الثقات من علماء المدينة وغيرهم أن أول ما أقيم للناس الحج سنة ثمان مرجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من حنين، فاستخلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على مكة عتاب بن أسيد فأفرد الحج، ثم حج أبو بكر بالناس سنة تسع فأفرد الحج،