وقوله:(فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ (لو تجرد من تمامه لم يعد كقوله: زيد لا يفيد بانفراده حتى يخبر عنه بقائم أو قاعد أو غيره، فكذلك قوله: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ (لا يفيد شيئًا حتى يخبر عن حكمه، قوله: (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ (هو الحكم الذى به تتم الفائدة. والفوائد إنما هى فى الأحكام المعلقة على أفعال العباد لا على أسمائهم، ومثله: (فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ)[الحجر: ٣٠، ٣١] معناه: فإنه لم يسجد فلم تكن الفائدة فى الاستثناء راجعة إلا إلى نفى السجود الذى به يتم الكلام. قال غيره: فإنما أوجب الله الدم على المتمتع غير المكى؛ لأنه كان عليه أن يأتى مُحْرمًا بالحج من داره فى سفر، وبالعمرة فى سفر ثان، فلما تمتع بإسقاط أحد السفرين أوجب الله عليه الهدى، فكذلك القارن هو فى معنى المتمتع لإسقاط أحد السفرين، ودلت الآية على أن أهل مكة بخلاف هذا المعنى؛ لأن إهلالهم بالحج خاصة من مكة، ولا خروج لهم إلى الحل للإهلال إلا بالعمرة خاصة، فإذا فعلوا ذلك لم يُسْقِطُوا سفرًا لزمهم فلا دم عليهم، ففارقوا سائر أهل الآفاق فى هذا، وقد تقدم اختلافهم فيمن أحرم من مكة بالعمرة ولم يخرج إلى الحل للإحرام فى باب: مهل أهل مكة للحج والعمرة.