وفى هذا الحديث من الفقه: أنه يجب على العالم والرجل الفاضل اجتناب مواضع الباطل، وأن لا يشهد مجالس الزور، وينزه نفسه عن ذلك. قال الطبرى: وفيه من الفقه الإبانة عن كراهة دخول النبى (صلى الله عليه وسلم) بيتًا فيه صورة، وذلك لأن الآلهة التى كانت فى البيت يومئذ إنما كانت تماثيل وصورًا، وقد تظاهرت الأخبار عنه عليه السلام أنه كان يكره دخول بيت فيه صورة، فإن قال قائل: الإحرام دخول البيت الذى فيه التماثيل والصور؟ قيل: لا، ولكنه مكروه، وسأتقصى الكلام فى ذلك فى كتاب اللباس والزينة فى باب: من كره القعود على الصور، وفى باب: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة إن شاء الله. قال الطبرى: والأزلام جمع زلم، ويقال: زلم، وهى قداح كانت الجاهلية يتخذونها يكتبون على بعضها: نهانى ربى، وعلى بعضها: أمرنى ربى، وعلى بعضها: نعم، وعلى بعضها: لا، فإذا أراد أحدهم سفرًا أو غير ذلك، دفعوها إلى بعضهم حتى يقبضها، فإن خرج القدح الذى عليه أمرنى ربى مضى، وإن خرج الذى مكتوب نهانى ربى كَفَّ عن الذى أراد من العمل. والاستقسام: الاستفعال من قسم الرزق والحاجات، وذلك طلب أحَدِهم بالأزلام على ما قسم له فى حاجته التى يلتمسها من نجاح أو حرمان، فأبطل الله ذلك من فعلهم وأخبر أنه فسق، وإنما جعله فسقًا؛ لأنهم كانوا يستقسمون عند آلهتهم التى يعبدونها