وقال الحسن البصرى: عليه دم، وهو قول الثورى، ورواه معن عن مالك، وقال ابن القاسم: رجع عن ذلك مالك، وذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وابن القاسم أن عليه الدم فى قليل ذلك وكثيره، واحتج بقول ابن عباس: من ترك من نسكه شيئًا فعليه دم. وهذا الاستدلال خطأ؛ لأن الأَشْهَر عن ابن عباس أن من شاء رمل، ومن شاء لم يرمل، ومذهبه أن من ترك الرمل فلا شىء عليه. وقال الطبرى: قد ثبت أن النبى عليه السلام رمل ولا مشرك يومئذ بمكة يرائى بالرمل، فكان معلومًا أنه من مناسك الحج، غير أنا لا نرى على من تركه عامدًا ولا ساهيًا قضاء ولا فدية؛ لأن من تركه فليس بتارك لعمل، وإنما هو تارك منه لهيئة وصفة، كالتلبية التى من سنة النبى عليه السلام فيها العج ورفع الصوت، فإن خفض الصوت بها كان غير مضيع للتلبية ولا تاركها، وإنما ضيع صفة من صفاتها، ولا يلزمه بترك العج ورفع الصوت قضاء ولا فدية. وأجمعوا أنه لا رَمَل على النساء فى طوافهن بالبيت ولا هرولة فى سعيهن بين الصفا والمروة، وكذلك أجمعوا أنه لا رمل على من أحرم بالحج من مكة من غير أهلها؛ لأنهم رملوا فى حين دخولهم مكة حين طافوا للقدوم. واختلفوا فى اهل مكة هل عليهم رمل؟ فكان ابن عمر لا يراه عليهم، واستحبه مالك والشافعى للمكى. وعلة من لم ير الرمل للمكى أنه من سنة القادم، وليس المكى