على ذلك أن طواف القدوم ليس بفرض، وكان ابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد والقاسم بن محمد لا يرون بأسًا إذا طاف الرجل أول النهار أنه يؤخر السعى حتى يبرد، وكذلك قال أحمد وإسحاق إذا كانت به علة، وقال الثورى: لا بأس إذا طاف أن يدخل الكعبة، فإذا خرج سعى. وقوله:(فلما مسحوا الركن حَلُّوا) . يريد بعد أن سعوا بين الصفا والمروة؛ لأن العمرة إنما هى الطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة، ولا يحل من قدم مكة بأقل من هذا، فخشى البخارى أن يتوهم متوهم أن قوله:(فلما مسحوا الركن حلوا) أن العمرة إنما هى الطواف بالبيت فقط، وأن المعتمر يحل من عمرته بالطواف بالبيت، ولا يحتاج إلى سعى بين الصفا والمروة، وهو مذهب ابن عباس، وروى عنه أنه قال: إن العمرة الطواف. وقال به إسحاق ابن راهويه، ويمكن أن يحتج من قال بهذا بقراءة ابن مسعود:(وأتموا الحج والعمرة إلى البيت) . أى أن العمرة لا يجاوز بها البيت. فأراد البخارى بيان فساد هذا التأويل بما أردف فى آخر الباب من حديث ابن عمر:(أن النبى عليه السلام كان إذا قدم مكة للحج أو العمرة طاف بالبيت، ثم سعى بين الصفا والمروة) . وعلى هذا جماعة فقهاء الأمصار.