أسكر كثيره؛ لأنه أمر بكسره بالماء إذا صار إلى حد يريب شاربه، فلو حل شربه بعدما يصير مسكرًا لم يأمر بعلاجه بالماء قبل مصيره مسكرًا، بل كان يقول عليه السلام: إذا رابكم منه شىء فانتفعوا به واشربوه، ولا تكسروه. وإنما أمر بكسره؛ لأنه كان قد بدت فيه الاستحالة إلى الخَلِّية بما حدث فيه من الفساد والحموضة، وذلك موجود فى الأشربة التى تنتقل إلى الحموضة قبل دخول الحال التى تصير بها خمرًا، فكسره بالماء ليهون عليه شربه، ومثل هذا المعنى ما روى عن عمر وعلى فى ذلك، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا ابن وهب، عن أسامة بن زيد، أنه سمع نافعًا يقول: إن عمر قال ليرفأ: اذهب إلى إخواننا الثقفيين فالتمس لنا عندهم شرابًا، فأتاهم فقالوا: ما عندنا إلا هذه الإداوة وقد تغيرت، فدعا بها عمر فذاقها، فقبض وجهه، ثم دعا بالماء فصب عليه فشرب. قال نافع: والله ما قبض وجهه إلا أنها تخللت. قال ابن وهب: وحدثنا عمرو بن الحارث، أن سلام بن حفص أخبره، أن زيد بن أسلم، أخبره أن أصحاب النبى عليه السلام كانوا إذا حمض عليهم النبيذ كسروه بالماء. وروى إسماعيل بن أبى خالد عن قيس قال: حدثنا عتبة بن فرقد قال: دعا عمر بعس من نبيذ قد كاد يكون خلا، فقال لى: اشرب، فأخذته فجعلت لا أستطيع شربه، فأخذه من يدى فشرب حتى قضى حاجته. قال المهلب: وإنما أذن النبى (صلى الله عليه وسلم) للعباس فى المبيت عن منى، ولم يوجب عليه الهدى من أجل السقاية؛ لأنها عمل من أعمال الحج،