للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال ابن عباس: (إن الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله تعالى أباح فيه المنطق) وقد يكون فى الشرع صلاة لا ركوع فيها ولا سجود كصلاة الجنازة، فإن قيل: فينبغى أن يكون لها تحريم وتسليم، قيل: ليس كل ما كان صلاة يحتاج إلى ذلك؛ لأن كثيرًا من الناس من يقول فى سجود السهو أنه صلاة ولا يحتاج إلى ذلك، وكذلك سجود التلاوة، ولنا أن نستدل بحديث صفية لما حاضت فقال: (أحابستنا هى؟ فلما قيل: إنها قد أفاضت، قال: فلا إذاَ) . فلو كان الدم ينوب مناب طوافها بغير طهارة لكان عليه السلام لا يحتاج أن يقيم هو وأصحابه إلى أن تطهر ثم تطوفه، فإن قيل: إن الطواف ركن لا يصح الحج إلا به فلا يحتاج إلى طهارة كالوقوف بعرفة، قيل: لما كان يعقب كل أُسْبُوع من الطواف ركعتان، لا فصل بينه وبينهما، وجب أن يكون الطائف متوضئًا لتتصل صلاته بطوافه، والوقوف بعرفة لا صلاة بأثره، فافترقا. واختلفوا فيمن انتقض وضوءه وهو فى الطواف، فقال عطاء ومالك: يتوضأ ويستأنف الطواف، قال مالك: وهو بخلاف السعى بين الصفا والمروة لا يقطع عليه ذلك ما أصابه من انتقاض وضوئه، وقال النخعى: يبنى. وهو قول الشافعى وأحمد وإسحاق، إلا أن الشافعى قال: إن تطاول استأنف. وقال مالك: إن كان تطوعًا فأراد إتمامه توضأ واستأنف، وإن لم يرد إتمامه تركه. وقد تقدم بعض ما فى هذا الحديث فى باب: من طاف بالبيت إذا قدم مكة، وسيأتى شىء منه فى باب: متى يحل المعتمر بعد هذا إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>