عليه السلام أهل من ميقاته فى حين ابتدائه فى عمل حجته، واتصل به عمله، ولم يكن بينهما مكث ينقطع به العمل، فكذلك المكى لا يهل إلا يوم التروية الذى هو أول عمله للحج، ليتصل له عمله تأسيًا برسول الله فى ذلك (صلى الله عليه وسلم) . وقد تابع ابن عمر على ذلك ابن عباس قال: لا يهل أحد من أهل مكة بالحج حتى يريد الرواح إلى منى. وبه قال عطاء، واحتج بأن أصحاب النبى عليه السلام إذ دخلوا فى حجتهم مع النبى أهلُّوا عشية التروية، حين توجهوا إلى منى، قال: وأخبرنى أبو الزبير عن جابر أن النبى عليه السلام قال لهم فى حجته: (إذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى فأهلوا، قال: فأهللنا من البطحاء) . وأما قول عبيد بن جريح لابن عمر: إن أهل مكة يهلون إذا رأوا الهلال، فهو مذهب عمر بن الخطاب وابن الزبير، روى مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال:(يا أهل مكة، ما بال الناس يأتون شعثًا وأنتم مدهنون، أهلوا إذا رأيتم الهلال) فهو على وجه الاستحباب، لأن الإهلال إنما يجب على من يتصل عمله، وليس من السنة أن يقيم المحرم فى أهله، وقد روى عن ابن عمر ما يوافق مذهب عمر. ذكر مالك فى (الموطا) : أن ابن عمر كان يهل لهلال ذى الحجة، ويؤخر الطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى، قال نافع: أَهَلَّ ابن عمر مرة بالحج حين رأى الهلال، ومرة أخرى بعد الهلال من جوف الكعبة، ومرة أخرى حين راح إلى منى. قال