قال المؤلف: ووجه الدلالة على الكوفيين من حديث ابن عمكر قول سالم للحجاج: إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة يوم عرفة. وهذا خطاب يتوجه إلى كل أحد مأمومًا كان أو منفردًا أن سنة الصلاة ذلك الوقت، وكذلك قول ابن عمر:(كانوا يجمعون بينهما فى السنة) لفظ عام يدخل فيه كل مصل، فمن زعم أنه لبعض المصلين فعليه الدليل. وقال الطحاوى: قد روى عن ابن عمر وعائشة مثل قول أبى يوسف ومحمد من غير خلاف من الصحابة. وقال ابن القصار: وقول الكوفيين ليس بشىء لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : (صلوا كما رأيتمونى أصلى) . وهذا خطاب لكل أحد فى نفسه أن يصلى الصلاتين فى وقت أحدهما بعرفة كما فعل النبى عليه السلام لأن الخطاب إنما يتوجه إلى هيئة الصلاة ووقتها لا إلى الإمامة. واتفق مالك وأبو حنيفة والشافعى على أنه إذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة لم يصل بهم الإمام الجمعة، وكذلك قال الطحاوى، قال أبو حنيفة والشافعى: لا يُجَمِّعُ، وإنما يصلى بعرفة الظهر ركعتين لا يجهر فيهما بالقراءة، هذا إذا كان الإمام من غير أهل عرفة. وقال أبو يوسف: يصلى الجمعة بعرفة. وسأل أبو يوسف مالكًا عن هذه المسألة بحضرة الرشيد فقال مالك: سقاياتنا بالمدينة يعلمون ألا جمعة بعرفة، وعلى هذا أهل الحرمين: مكة والمدينة، وهم أعلم بذلك من غيرهم. وقد جمع الرسول (صلى الله عليه وسلم) بين الصلاتين بعرفة وصادف ذلك يوم جمعة، ولم ينقل أنه جهر بالقراءة، فدل أنه صلى الظهر بغير جهر، ولو جهر لنقل، وأيضًا فإن من شرط الجمعة الاستيطان، وليست عرفة بموطن