للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المشعر الحرام؛ لأنه قال تعالى: (فَاذْكُرُوا اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (إلى) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ (غير أنا وجدنا أهل العلم تأولوا ذلك على إفاضة واحدة، وكانت هذه الآية عندهم من المحكم المتفق على المراد به، وجعلوا قوله: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ (فى معنى وأفيضوا، وقالوا: قد تجعل ثم فى موضع الواو، كما قال الله تعالى: (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ) [يونس: ٤٦] فكان قوله: (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (فى معنى: والله شهيد، وفى قوله: (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (الآية، دليل على أنه قد أمرهم بوقوف عرفة قبل إفاضتهم منها. غير أنا لم نجده تعالى ذكر لنا ابتداء ذلك الوقوف أى وقت هو فى كتابه، وبينه لنا فعل رسوله فى حديث جابر وحديث ابن عمر، حين قال للحجاج يوم عرفة حين زالت الشمس: (الرواح إن كنت تريد السنة) . فدل أن دفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى عرفة كان بعد زوال الشمس يوم عرفة. قال المؤلف: ولم يختلفوا أن النبى عليه السلام صلى الظهر والعصر جميعًا بعرفة، ثم ارتفع فوقف بجبالها داعيًا الله إلى غروب الشمس، فما غربت دفع منها إلى المزدلفة. واختلفوا إذا دفع من عرفة قبل غروب الشمس ولم يقف فيها ليلا، فذهب مالك إلى أن الاعتماد فى الوقوف بعرفة على الليل من ليلة النحر، والنهار من يوم عرفة تَبَع، فإن وقف جزءًا من النهار

<<  <  ج: ص:  >  >>