وقال ابن القصار: أما قوله فى حديث عروة: (وكان قد وقف بعرفة ليلا أو نهارًا) فنحن نعلم أنه عليه السلام وقف وقفة واحدة بعرفة جمع فيها بين الليل والنهار، فصار معناه: من ليل ونهار، واستفدنا من فعله عليه السلام أن المقصود آخر النهار، وهو الوقت الذى وقفه، وعقلنا بذلك أن المراد جزء من النهار مع جزء من الليل؛ لأنه لم يقتصر عليه السلام على جزء من النهار دون الليل، ولو تحرر هذا من فعله عليه السلام لجاز أن تكون (أو) بمعنى: (الواو) ، كقوله تعالى:(وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا)[الإنسان: ٢٤] معناه: وكفورًا، فإن قيل: وأنتم لا توجبون الجمع بين النهار والليل فى الوقوف، قيل: لما قال: (فقد تم حجه) علمنا أن التمام يقتضى الكمال والفضل، فيجمع فيه بين السنة والفرض، والسنة الوقوف بالنهار، والفرض هو الليل؛ لأنه هو انتهاء الوقوف، فهو الوقت المقصود، وهو أخص به من النهار؛ لأنه لو انفرد وقوفه فى هذا الجزء لأجزأه بإجماع، ولووقف هذا القدر من النهار لكان فيه خلاف ووجب عليه الدم، فكيف يكون النهار أخص به من الليل. والحُمْسُ: قريش وما ولدت من العرب، والتحمس: التشدد، وذلك أن قريشًا أحدثت هذا الدين فقالت: لا نطوف بالبيت عراة، ولا تسلى نساؤنا سمنًا، ولا تغزل وبرًا، ولا تخرج إلى عرفات، ولا نزايل حرمنا، ولا نعظم غيره، ولا نطوف بين الصفا والمروة، وكانوا يقفون بالمزدلفة، ومن سواهم من العرب يقال لهم: