للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الشيطان. ومما يدل على ذلك أيضًا ما رواه حماد بن سلمة، عن على بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبى سعيد الخدرى، عن النبى (صلى الله عليه وسلم) ، قال: تمت إن الشيطان يأتى أحدكم فى صلاته، فيأخذ شعرة من دبره فيرى أنه قد أحدث فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا -. وقد قال بعض أهل العلم: إن قوله (صلى الله عليه وسلم) : تمت فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا - معارض لقوله، (صلى الله عليه وسلم) : تمت من شك فى صلاته فلم يدر أصلى ثلاثًا، أم أربعًا، فليأت بركعة -، لأنه حين أمره أن لا ينصرف من صلاته حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا، فقد أمره بالحكم لليقين وإلغاء الشك، وفى حديث الشك فى الصلاة أمره بالحكم للشك وإلغاء اليقين حين أمره بالإتيان بركعة. وليس كما ظنه بل الحديثان متفقان فى إلغاء الشك والحكم لليقين، وذلك أنه أمر الذى يخيل إليه أنه يجد الشىء فى الصلاة أن لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا، لأنه كان على يقين من الوضوء فأمره (صلى الله عليه وسلم) بإطراح الشك، وأن لا يترك يقينه إلا بيقين آخر، وهو سماع الصوت، أو وجود الريح، والذى يشك فى صلاته فلا يدرى أثلاثًا صلى، أو أربعًا لم يكن على يقين من الركعة الرابعة، كما كان فى الحديث الآخر على يقين من الوضوء، بل كان على يقين من ثلاث ركعات شاكًا فى الرابعة، فوجب أن يترك شكه فى الرابعة، ويرجع إلى يقين من الإتيان بها، فصار حديث الشك فى الصلاة مطابقًا لحديث الشك فى الحدث، مشبهًا له فى أن اليقين يقدح فى الشك، ولا يقدح الشك فى اليقين، والحمد لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>