الشمس إلى آخر وقت العشاء الآخرة، وجعل له إن شاء أن يصليهما فى أول وقتهما، وإن شاء فى آخره، فأوقات الصلوات إنما هى محدودة بالساعات والزمان، فمن صلاهما بعد غروب الشمس بعرفة أو دون المزدلفة فقد أصاب الوقت وإن ترك الاختيار لنفسه فى الموضع، والصلاة لا تبطل بالخطأ فى الموضع إذا لم يكن نجسًا؛ ألا ترى أن من صلاهما بعد خروج وقتهما بالمزدلفة ممن لم يَصِلْ إلى المزدلفة إلا بعد طلوع الفجر أنه قد فاته وقتهما، فلا اعتبار بالمكان، ويشبه هذا المعنى قوله عليه السلام:(لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بنى قريظة) . وأدرك وقت العصر القوم فى بعض الطريق، فمنهم من صلى، ومنهم من أَخَّر إلى بنى قريظة، فلم يعنف النبى (صلى الله عليه وسلم) أحدًا منهم. واحتج الطحاوى لابن يوسف فقال: لا يختلفون فى الصلاتين اللتين تصليان بعرفة أنهما لو صليتا دونها كل واحدة منهما فى وقتها فى سائر الأيام كانتا مجزئتين، فالصلاتان بمزدلفة أحرى أن تكونا كذلك؛ لأن أمر عرفة لما كان أوكد من أمر مزدلفة، كان ما يفعل فى عرفة أوكد مما يفعل فى مزدلفة، فثبت ما قال أبو يوسف، وانتفى ما قاله الآخرون. قال المهلب: وقوله: (وتوضأ ولم يسبغ الوضوء) يريد أنه خفف الوضوء، وهو أدنى ما تجزئ الصلاة به دون تكرار إمداد إمرار اليد عليه ليخص كل صلاة بوضوء على حسب عادته، وقد جاء ذلك