حلَّ من لم يسق الهدى، وما فى آخر الحديث من تعليم الناس يفسر ما فى أوله من إشكال قوله:(أنه تمتع) لأن المفسّر يقضى على المجمل، وقد صح عن ابن عمر أنه رَدَّ قول أنس:(أن النبى عليه السلام تمتع) وقال: (أهلَّ النبى عليه السلام بالحج وأهللنا به، فلما قدمنا مكة، قال: من لم يكن معه هدى فليجعلها عمرة، وكان مع النبى عليه السلام هدى) ذكره البخارى عن مسدد فى كتاب المغازى، وقد ذكرناه فى باب: التمتع والقران والإفراد وفسخ الحج، فكيف ينكر ابن عمر على أنس أن النبى عليه السلام أهل بعمرة وحجة؟ هذا ما لا يتوهمه عاقل، فصح أن تأويل قول ابن عمر فى هذا الباب:(تمتع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) أنه أمر بذلك، لا أنه فعله عليه السلام فى خاصّة نفسه، وهذا التأويل ينفى التناقض عن الخبرين، ويجمع بين المتضادين. وأما قوله فى حديث عروة: أن عائشة أخبرته عن النبى عليه السلام فى تمتعه بالعمرة إلى الحج بمثل حديث سالم عن أبيه، فنعم هو مثله فى الوهم؛ لأن أحاديث عائشة كلها من رواية عروة والأسود والقاسم وعمرة مسقطة لهذا الوهم؛ لأنهم يروون عنها أنها قالت:(خرجنا مع النبى عليه السلام ولا نرى إلا أنه الحج) مُخالفة لرواية ابن شهاب عن عروة، عن عائشة فى تمتعه بالعمرة التى فى آخر هذا الباب، وموافقة لرواية الجماعة عن عائشة، وأما قوله فى الترجمة: باب من ساق البدن فإنما أراد أن يعرف أن السنة فى الهدى أن يساق من الحل إلى الحرم. واختلف العلماء فى ذلك. فقال مالك: من اشترى هَدْيَهُ بمكة أو بمنى، ونحره ولم يقف به بعرفة فى الحل فعليه بَدَلُه، وهو مذهب ابن عمر وسعيد بن جبير، وبه قال الليث، وروى عن القاسم أنه