بمكة حيث شاء، وهذا إجماع أيضًا، فمن فعل هذا فقد أصاب السنة، وبهذا قال مالك. وقال أبو حنيفة والشافعى: إن نحر فى غير منى ومكة من الحرم أجزأه، قالوا: وإنما أريد بذلك مساكين الحرم ومكة. وقد أجمعوا أنه إن نحر فى غير الحرم ولم يكن محصرًا بعدو أنه لا يجزئه، قال ابن القصار: والحجة لمالك ما ذكره فى موطئه: أنه بلغه أن النبى عليه السلام قال فى حجه بمنى: (هذا المنحر، ومنى كلها منحر) . فدل دليل الخطاب أن غيرهما ليس بمنحر؛ لأنه كان يكفى أن يذكر أحدهما لينبه به على سائر الحرم، فلما خصها جميعًا علم أن منى خصت للحجاج؛ لأنهم يقيمون بها، فجعل نحرهم بها، وجعل مكة منحرًا للمعتمرين إذا فرغوا من سعيهم عند المروة. فإن قيل: فقد نحر النبى عليه السلام هديه بالحديبية وليست بمكة ولا منى ولكنها من الحرم، قيل: هذا الهدى لم يكن بلغ محله كما قال الله، وإنما جاز له أن يذبحه فى غير محله، كما جاز له أن يخرج من إحرامه فى غير محله، ولما قال الله فى الهدى:(مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)[الفتح: ٢٥] علمنا أن محله مكة لقوله تعالى: (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ)[المائدة: ٩٥] . وصَدُّ النبى عليه السلام لم يكن عن الحرم، وإنما كان عن البيت؛ لأن الحديبية بعضها حرم، وبعضها حل، وترجح قياسًا أن مكة مخصوصة بالبيت، والطواف بالبيت دون سائر الحرم، ومنى مخصوصة بالتحلل فيها بالرمى والمقام بها لبقية أعمال الحج، وليس