الحديث، وقالوا: لا يعطى الجزار منها شيئًا، هذا قول مالك وأبى حنيفة وأحمد، وأجاز الحسن البصرى أن يعطى الجزار الجلد. واختلفوا فى بيع الجلد، فروى عن ابن عمر أنه لا بأس بأن يبيعه، ويتصدق بثمنه، وقاله أحمد وإسحاق. وقال أبو هريرة: من باع إهاب أضحيته فلا أضحية له، وقال ابن عباس: يتصدق به أو ينتفع به، ولا يبيعه، وعن القاسم وسالم: لا يصلح بيع جلودها، وهو قول مالك، وقال النخعى والحكم: لا بأس أن يشترى به الغربان والمنخل، ورخص أبو هريرة فى بيعه، وقال عطاء: إن كان الهدى واجبًا تصدق بإهابه، وإن كان تطوعًا باعه إن شاء فى الدَّيْن. وأما من أجاز بيع جلودها، فإنما قال ذلك والله أعلم قياسًا على إباحة الله الأكل منها، فكان بيع الجلد والانتفاع به تبعًا للأكل، وهذا ليس بشئ؛ لأنه يجوز أكل لحمها، ولا يجوز بيعه بإجماع، والأصل فى كل ما اخرج لله تعالى أنه لا يجوز الرجوع فى شىء منه، ولولا إباحة الله الأكل منها ما جاز أن يستباح، فوجب ألا يتعدى الأكل إلى البيع إلا بدليل لا مُعارِض له. قال المهلب: وإعطاء الجازر منها فى جزارته عوضًا من فعله وذبحه فهو بيع، ولا يجوز بيع شىء من لحمها، وكذلك الجلد، وقال: ولا يخلو الإهاب من أن يكون مع سائر الشاة بإيجابها وذبحها فقد صار مسبلا فيما سلبت به الأضحية، أو لم يَصِرْ مسبلاَ إذا كان عليه دين، فإن كان قد صار لِمَا جعله له فغير جائز صرفه أو صرف شىء منه إلا فيما سَبَلَهُ، أو لم يصر ذلك فيما جعله له إذ كان عليه دين، فيكون إيجابه الشاة أضحية، وجِلْدها غير جلد أضحية، وذلك فيما لا يفعل فى نظر ولا خبر.