) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج: ٢٩] ففرض الطواف بالبيت العتيق بعد قضاء التفث، وذلك طواف الإفاضة يوم النحر بعد الوقوف بعرفة، فإذا طاف تطوعًا أجزأه عن فرضه؛ لأنه جاء بطواف فى وقته. وقال ابن القصار: لما كان الإحرام بالحج إذا انعقد ناب تطوعه عن فرضه، كطواف الوداع ينوب عن طواف الفرض، ولو أوقع طواف تطوع ولم يعتقده طواف الإفاضة لناب عنه بلا خلاف. وقال ابن شعبة: إنما قالوا: يجزئه؛ لأن كل عمل يكون فى الحج ينوى به التطوع، ولم يكمل فرض الحج، فالفرض أولى به من النية التى نويت به، كالداخل فى صلاة بإحرام نواه بها، ثم صلى منها صدرًا، ثم ظن أنه قد فرغ منها، فصلى ما بقى على أنه تطوع عنده، فهو للفرض الذى ابتدأه ولا تضره نيته إذ لم يقطع الصلاة عمدًا. قال المهلب: وقد خص الله الحج بما لم يخص غيره من الفرائض وذلك قوله: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ)[البقرة: ١٩٧] الآية، فمن فرض الحج فى حرمه وشهوره فليس له أن ينتقل عما فرضه بنية إلى غيره حتى يتمه؛ لأن العمل على النية الأولى حتى يكملها، وهو فرضه؛ لقوله تعالى:(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ)[البقرة: ١٩٦] ألا ترى أن من وطئ بعد جمرة العقبة قبل طواف الإفاضة، أن منهم من قال: يحج قابلا. ومنهم من قال: إن أحرم بعمرة وأهدى أجزأه ذلك. وهُم: ابن عباس وعكرمة وطاوس وربيعة، وفسره ابن عباس
فقال: إنما (يفي من أمره) أربعة أميال، فيحرم من التنعيم أربعة أميال، فيكون طواف مكان طواف، وهذا طواف عمرة يجزئه عن طواف