أمته، وقد جعل الله بيان مناسكه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فعلم بذلك أنه من الفروض التى لا يجوز تضييعها، وعُلم أن من ترك شيئًا مما علمهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) حتى فات وقته فعليه الكفارة؛ إذ كان قد نص فى محكم كتابه على وجوب ذلك فى تضييع بعض المناسك، فكان فى حكمه حكم ما لم ينص الحكم فيه، فمما نص الحكم فيه فى كتابه (الشعر) الذى تَقَدَّم إلى عباده فى ترك حلقه أيام إحرامهم بقوله: (وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ)[البقرة: ١٩٦] ثم جعل فى حلقه قبل وقته المباح لمرض أو أذى فديةً من طعام أو صدقة أو نسك، وكذلك أوجب فى قاتل الصيد فى الإحرام الكفارة، فمثل ذلك حكم كل مضيع شيئًا من مناسك الحج عليه الكفارة والبدل، وإن اختلفت الكفارات فى ذلك إلا أن ينص الله على وضع شىء من ذلك عن فاعله، ولما ثبت أن كل جمرة منها فرض، بينا أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان منقولا عنه وِرَاثة أن من ضيع رميهن حتى تنقضى أيام التشريق الثلاثة عليه فدية شاة يذبحها ويتصدق بها، كان على تارك بعضها ما على تارك جميعها، كما حكم تارك شوط واحد من السبعة الأشواط فى طواف الإفاضة يوم النحر حكم تارك الأشواط السبعة فيما يلزمه. واختلفوا فيمن رمى سبع حصيات فى مرة واحدة، فقال مالك والشافعى: لا يجزئه إلا عن حصاةٍ واحدة، ويرمى بعدها سِتا. وقال عطاء: يجزئه عن السبع رميات. وهو قول أبى حنيفة؛ لأنه لو وجب عليه الحد فلا فرق أن يقام عليه الحد سوطًا أو سياطًا مجموعة فإنه يسقط عنه الفرض إذا علم وصول الكل إلى بدنه، كذلك الرمى. قال ابن القصار: والحجة لمالك أن النبى (صلى الله عليه وسلم) رمى بحصاةٍ بعد حصاة وقال: (خذوا عنى مناسككم) فوجب امتثال فعله، ونحن لا نجيز