قال مالك: ومن أخر طواف الإفاضة إلى أيام منى فإن له سعة أن يصدر إلى بلده وإن لم يطف بالبيت إذا أفاض. واختلفوا فيمن خرج ولم يطف للوداع، فقال مالك: إن كان قريبًا رجع فطاف، وإن لم يرجع فلا شىء عليه. وقال عطاء والثورى وأبو حنيفة والشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور: إن كان قريبًا رجع فطاف، وإن تباعد مضى وأهراق دمًا. وحجتهم فى إيجاب الدم قول ابن عباس: من نسى من نسكه شيئًا فليهريق دمًا. والطواف نسك، وحجة مالك أنه طواف أسقط عن المكى والحائض، فليس من السنن اللازمة، والذمة بريئة إلا بيقين، وسيأتى شىء من هذا المعنى فى هذا الباب الذى بعد هذا إن شاء الله. واختلفوا فى حد القُرْب، فروى أن ابن عمر رَدَّ رجلا من مَرّ الظهران لم يكن ودع، وبين مَرّ الظهران ومكة ثمانية عشر ميلا، وهذا بعيد عند مالك، ولا يُرد أحد من مثل هذا الموضع، وعند أبى حنيفة: يرجع ما لم يبلغ المواقيت، عند الشافعى: يرجع من مسافة لا تقصر فيها الصلاة، وعند الثورى: يرجع ما لم يخرج من الحرم. واختلفوا فيمن وَدَّع ثم بدا له فى شراء حوائجه، فقال عطاء: يعيد حتى يكون آخر عمله الطواف بالبيت. وبنحوه قال الثورى والشافعى وأحمد وأبو ثور. قال مالك: لا بأس أن يشترى بعض حوائجه وطعامه فى السوق، ولا شىء عليه، وإن أقام يومًا أو بعضه أعاد. وقال أبو حنيفة: لو ودع وأقام شهرًا أو أكثر أجزأه، ولم يكن عليه إعادة. وهذا خلاف حديث ابن عباس:(أمر الناس أن يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت) .