يدخل -، فالمعنى فيه متقارب، ألا ترى قوله تعالى:(فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[النحل: ٩٨] ، والمراد إذا أردت أن تقرأ؟ غير أن الاستعاذة بالله متصلة بالقراءة، لا زمان بينهما، وكذلك الاستعاذة بالله من الخبث والخبائث لمن أراد دخول الخلاء متصلة بالدخول، فلا يمنع من إتمامها فى الخلاء، مع أن من روى عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أنه كان يقول ذلك إذا أتى الخلاء أولى من رواية من روى إذا أراد أن يدخل الخلاء، لأنها زيادة، والأخذ بالزيادة أولى. وأما حديث بئر جمل فإنما هو على الاختيار، والأخذ بالفضل، لأنه ليس من شرط رد السلام أن يكون على وضوء، قاله الطحاوى. وقال الطبرى: وأما حديث بئر جمل وشبهه، فإن ذلك كان منه (صلى الله عليه وسلم) على وجه التأديب للمُسَلِّم عليه ألا يُسَلِّم بعضهم على بعض على حال كونهم على الحدث، وذلك نظير نهيه وهم كذلك أن يحدث بعضهم بعضًا بقوله: تمت لا يتحدث المتغوطان على طوفهما، فإن الله يمقتهما -. وروى أبو عبيدة الباجى، عن الحسن، عن البراء، أنه سلم على الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهو يتوضأ، فلم يرد عليه شيئًا حتى فرغ. وفسر أبو عبيد تمت الخبث والخبائث -، فقال: الخبث يعم الشر، والخبائث الشياطين. وقال أبو سليمان الخطابى: أصحاب الحديث يروونه: الخُبْث، ساكنة الباء، وإنما هو الخُبُث، مضموم الباء، جمع خبائث، والخبائث جمع خبيثة، استعاذ بالله من مردة الجن ذكورهم وإناثهم، فأما الخُبْث، ساكن الباء، فهو مصدر خَبُثَ الشىء يخبثُ خبثًا، وقد جعل اسمًا.