للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها، وبه قال الشافعى، وإنما كرهت العمرة فيها للحاج خاصة؛ لئلا يُدخل عملا على عمل؛ لأنه لم يكمل عمل الحج بعد، ومن أحرم بالحج فلا يحرم بالعمرة؛ لأنه لا تضاف العمرة إلى الحج عند مالك وطائفة من العلماء، وأما من ليس بحاج فلا يمنع من ذلك، فإن قيل: فقد روى أبو معاوية، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة فى هذا الباب: (وكنت ممن أهل بعمرة) وروى مثله يحيى القطان عن هشام فى الباب بعد هذا، وهذا خلاف ما تقدم عن عائشة أنها أهلت بالحج. فالجواب: أنا قد قدمنا أن أحاديث عائشة فى الحج أشكلت على الأئمة قديمًا، فمنهم من جعل الاضطراب فيها جاء من قبلها، ومنهم من جعله جاء من قبل الرواة عنها، وقد روى عروة والقاسم والأسود وعمرة عن عائشة، أنها كانت مفردة للحج على ما بيناه فى باب: التمتع والقران والإفراد فى أول كتاب الحج، فالحكم لأربعة من ثقات أصحاب عائشة، فالصواب أن حمل ذلك على التضاد أولى من الحكم لرجلين من متأخرى رواة حديثها. وقد يحتمل قولها: (وكنت ممن أهل بعمرة) تأويلا ينتفى به التضاد عن الآثار، وذلك أن عَمْرَة روت عن عائشة أنها قالت: (خرجنا لخمس بقين من ذى القعدة مهلين بالحج، فلما دنونا من مكة. .) وقالت مرة: فنزلنا بسرف، قال النبى عليه السلام لأصحابه: (من لم يكن معه هدى فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل) . فأهلت عائشة حينئذ بعمرة، فحاضت قبل أن تطوف بالبيت طواف العمرة، فقالت للنبى عليه السلام: منعت العمرة، فأمرها عليه السلام برفض ذكر العمرة بأن تبقى على إحرامها بالحج الذى كانت أهلت به أولا، فمن روى عنها: (وكنت ممن أهل بعمرة حين دنوا من مكة) ممن رتب الحاديث على موطنها ومواضع ابتداء الإحرام؛

<<  <  ج: ص:  >  >>