عليه السلام لأبى موسى:(طف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقصر من شعرك واحلق ثم أحل) فبين بذلك أن التقصير والحلق ليسا من النسك، وإنما هما من معانى الإحلال، كما لبس الثياب والطيب بعد طواف المعتمر بالبيت وسعيه بين الصفا والمروة من معانى إحلاله، وكذلك إحلال الحاج من إحرامه بعد رميه جمرة العقبة، لا من نسكه، فبيّن فساد قول من زعم أن من جامع من المعتمرين قبل التقصير من شعره أو الحلق، ومن بعد طوافه بالبيت وبين الصفا والمروة أنه مفسد عمرته، وهو قول الشافعى، قال ابن المنذر: ولا أحفظ ذلك عن غيره. وقال مالك والثورى والكوفيون: عليه الهدى. وقال عطاء: يستغفر الله ولا شىء عليه. قال الطبرى: وفى حديث أبى موسى بيان فساد قول من قال: إن المعتمر إن خرج من الحرم قبل أن يقصر من شعره أو يحلق أن عليه دمًا، وإن كان قد طاف بالبيت وبين الصفا والمروة قبل خروجه منه، وفيه أيضًا أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما أذن لأبى موسى بالإحلال من عمرته بعد الطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة، فبان بذلك أن من حل منهما قبل ذلك فقد أخطأ وخالف سنته عليه السلام، واتضح به فساد قول من زعم أن المعتمر إذا دخل الحرم فقد حل من إحرامه، وله أن يلبس ويتطيب ويعمل ما يعمل الحلال، وهو قول ابن عمر وابن المسيب وعروة والحسن، وصح أنه مَنْ حل مِنْ شىء كان عليه حرامًا قبل ذلك فعليه الجزاء والفدية. واختلف العلماء إذا وطئ المعتمر قبل طوافه بالبيت وقبل أن يسعى بين الصفا والمروة، فقال مالك والشافعى وأحمد وأبو ثور: عليه الهدى وعمرة أخرى مكانها، ويتم التى أفسد. ووافقهم أبو حنيفة إذا جامع بعد طواف ثلاثة أشواط، وقال: إذا جامع بعد أربعة أشواط بالبيت أنه يقضى ما بقى من عمرته، وعليه دم، ولا شىء عليه.