دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِىُّ، عليه السَّلام، هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ الْعُمْرَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَنْطَلِقُ فَإِنْ خُلِّىَ بَيْنِى وَبَيْنَ الْبَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) وَأَنَا مَعَهُ، فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ:(إِنَّمَا شَأْنُهُمَا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِى) ، فَلَمْ يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَهْدَى، وَكَانَ يَقُولُ لا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافًا وَاحِدًا يَوْمَ يَدْخُلُ مَكَّةَ. / ٢٢٩ - فيه: ابْن عَبَّاس، قَدْ أُحْصِرَ الرسول (صلى الله عليه وسلم) فَحَلَقَ وحل مع نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلا عوضه. فى هذه الترجمة: رَدُّ قول من يقول أن من أحصر فى العمرة بعدوٍّ أنه لابد له من الوصال إلى البيت والاعتمار؛ لأن السَّنَةَ كُلَّها وقت للعمرة بخلاف الحج، ولا إحصار فى العمرة، ويقيم على إحرامه أبدًا، وهو قول لبعض السلف، وهو مخالف لفعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأنه كان مُعْتمرًا بالحديبية وهو وجميع أصحابه حَلُّوا دون البيت، والفقهاء على خلافه، حكم الإحصار فى الحج والعمرة عندهم سواء. واختلف فيمن أحصر بعدو، فقال مالك والشافعى: لا حصر إلا حصر العدو. وهو قول ابن عباس وابن عمر، ومعنى ذلك أنه لا يحل للمحصر أن يحل دون البيت إلا من حَصَره العدو، كما فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) ، وكان حصره بالعدو، واحتج الشافعى فقال: على الناس إتمام الحج والعمرة، ورخص الله فى الإحلال للمحصر بعدو، فقلنا فى كُلٍّ بأَمْر الله، ولم نَعْدُ بالرخصة موضعها، كما لم نَعْدُ بالرخصة المسح على الخفين، ولم نجعل عمامة ولا قفازين قياسًا على الخفين. وخالف الشافعى مالكًا فأوجب عليه الهدى، ينحره فى المكان الذى