الوصول إلى البيت، والمريض آمن يمكنه ذلك، وقول الكوفيين ضعيف وفيه تناقض؛ لأنهم لا يجيزون لمحصرٍ بعدوٍ ولا بمرضٍ أن يحل حتى ينحر فى الحرم، وإذا أجازوا للمحصر بمرض أن يبعث هديه، ويواعد حامله يومًا ينحره فيه فيلحق ويحل، أجازوا له الإحلال بالظنون، فالعلماء متفقون أنه لا يجوز لمن لزمه فرض أن يخرج منه بالظن، والدليل على أن ذلك ظن قولهم أنه لو عطب الهدى أو ضل أو سرق فحل مرسله، وأصاب النساء وصَادَ، أنه يعود حرامًا، وعليه جزاء ما صاد، وأباحوا له فساد الحج بالجماع، وألزموه ما يلزم من لم يحل من إحرامه، وهذا تناقض لا شك فيه. واحتج الكوفيون بحديث ابن عباس وقوله:(حتى اعتمر عامًا قابلا) فى وجوب قضاء الحج والعمرة على من أحصر فى أحدهما بعدو. وقال أهل الحجاز: معنى قوله: (حتى اعتمر عامًا قابلا) هو ما عقده معهم فى صلح الحديبية ألا يمنعوه البيت عامًا قابلا، ولا يحال بينهم وبينه، فإما أن يكون ما فعلوه من العُمَر قضاء عن عمرة الحديبية، ففيه التنازع فيحتاج إلى دليل، وسيأتى ما للعلماء فى ذلك فى باب: من قال ليس على المحصر بدل إن شاء الله. وقول ابن عباس:(قد أحصر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) حجة على من قال: لا يقال: أحصره العدو، وإنما يقال: حصره العدو، وأحصره المرض، واحتج بقول ابن عباس: لا حصر إلا حصر العدو. واحتج به ابن القصار، فيقال له: هذا ابن عباس قد قال: (أحصر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) وأجمع المسلمون أن النبى عليه السلام لم يُحصر بمرض، وإنما أحصر