قال: والنظر يدل على ذلك؛ لأنهم أجمعوا أن الصيد يحرمه الإحرام على المحرم، ويحرمه الحرم على الإحلال، وكان من صاد صيدًا فى الحل فذبحه فيه، ثم أدخله الحرم فلا بأس بأكله فيه، ولم يكن إدخاله لحم الصيد الحرم كإدخاله الصيد حيا فى الحرم؛ لأنه لو كان كذلك لنهى عن إدخاله فيه، ولمنع من أكله كما يمنع من الصيد، ولكان إذا أكله فى الحرم وجب عليه ما يجب فى قتله، فلما كان الحرم لا يمنع من لحم الصيد الذى صيد فى الحل كما يمنع من الصيد الحى؛ كأن النظر على ذلك أن يكون الإحرام يحرم على المحرم الصيد، ولا يحرم عليه لحمه إذا تولى الحلاُ ذبحه قياسًا ونظرًا. وحجة الذين أجازوا للمحرم أكل ما لم يصد له، أن أبا قتادة إنما صاده لنفسه لا للمحرمين، وكان وَجَّهَهُ الرسول (صلى الله عليه وسلم) على طريق البحر مخافة العدو، فلم يكن محرمًا حين اجتمع مع أصحابه؛ لأن مخرجهم لم يكن واحدًا، فلم يكن صيده للمحرمين ولا بعونهم، ألا ترى قوله:(فأبوا أن يعينونى) . قالوا: فلذلك أجاز لهم عليه السلام أكله، قالوا: وعلى هذا تتفق الأحاديث المروية عن النبى عليه السلام فى أكل الصيد ولا تتضاد. وقد روى هذا المعنى عن النبى عليه السلام روى ابن وهب، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمرو مولى المطلب أخبره عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن جابر أن النبى عليه السلام قال:(صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يُصَدْ لكم) . وقالت طائفة: لحم الصيد محرم على المحرمين على كل حال،