السلام فى حديث عَمرو مولى المطلب:(أو يُصَد لكم) أنه على ما صيد لهم بأمرهم. وقال غيره: وهذا يدل أن المحرم إذا أعان الحلال على الصيد بما قل أو كثر فقد فعل ما لا يجوز له، واختلفوا فى ذلك، فقالت طائفة: إن دل محرم حلالا على صيد، أو أشار إليه، أو ناوله سيفًا أو شبهه حتى قتله، فعلى المحرم الدال أو المعين له الجزاء، روى ذلك عن على وابن عباس، وقال به عطاء، وإليه ذهب الكوفيون وأحمد وإسحاق، واحتج بقوله عليه السلام:(هل أشرتم أو أعنتم؟ قالوا: لا) فدل ذلك أنه إنما يحرم عليهم إذا فعلوا شيئًا من هذا، ولا يحرم عليهم بما سوى ذلك، فجعل المشاورة والمعاونة كالقتل؛ لأن الدلالة بسببٍ يُتوصل به إلى إتلاف الصيد، فوجب الجزاء، دليله: من نصب شبكه حتى وقع فيها صيد فمات. وقال مالك وابن الماجشون والشافعى وأبو ثور: لا جزاء على الدال. وهو قول أصبغ ابن الفرج، واحتج أهل هذه المقالة فقالوا: الدال ليس بمباشر للقتل، وقد اتفقنا أنه لو دَلَّ حلال حلالا على قتل صيد فى الحرم لم يكن على الدال جزاء؛ لأنه لم يحصل منه قتل الصيد، فكذلك هاهنا، وقد تقرر أنه لو دل على رجل مسلم فقتله المدلول، لم يجب على الدال ضمان، وحُرمة المسلم أعظم من حرمة الصيد، ولا حجة للكوفيين فى حديث أبى قتادة؛ لأنه إنما سألهم عن الإشارة والمعاونة، دل أنه يكره لهم أكله، أو يحرم عليهم، ولم يتعرض لذكر الجزاء، فمن أثبت الجزاء فعليه الدليل. وأيضًا فإن القاتل انفرد بقتله بعد الدلالة بإرادته واختياره مع كون الدال منفصلا عنه، فلا يلزمه ضمان، وهذا كمن دل محرمًا أو صائمًا على امرأة فوطئها، ومحظورات الإحرام لا تجب فيها الكفارات بالدلالة، كمن دل على طيب أو لباس.