قال المؤلف: واختلاف هذه الروايات يدل على أنه لم تكن قصة واحدة، وإنه كان فى أوقات مختلفة، فمرة أهدى إليه الحمار كله، ومرة أهدى إليه عجزه لأن مثل هذا لا يذهب على الرواة ضبطه، حتى يقع فيه التضاد فى النقل والقصة واحدة، والله أعلم. وقال إسماعيل بن إسحاق: سمعت سليمان بن حرب يتأول هذا الحديث على أنه صيد من أجل النبى عليه السلام ولولا ذلك كان أكله جائزًا، قال سليمان: ومما يدل على أنه صيد من أجله قوله فى الحديث: (فرده يقطر دمًا) كأنه صيد فى ذلك الوقت. قال إسماعيل: وأما رواية مالك أنه أهدى إليه حمار وحش، فلا تحتاج إلى تأويل؛ لأن المحرم لا يجوز له إمساك صيد حى ولا يذكيه، وإنما يحتاج إلى التأويل من روى أنه أهدى إليه بعض الحمار. قال إسماعيل: وعلى تأويل سليمان بن حرب تكون الأحاديث غير مختلفة، أعنى حديث الهدى فى الحمار العقير، وحديث أبى قتادة، وحديث الصعب، ويفسرها كلها حديث المطلب عن جابر أن النبى عليه السلام قال:(صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يُصد لكم) وقد ذكرته فى باب: إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم. قال الطبرى: معناه: أو يُصد لكم بأمركم. قال غيره: وهذا الحديث يشهد لمذهب مالك أنه أعدل المذاهب وأولاها بالصواب. قال المهلب: وفى حديث الصعب من الفقه رد الهدية إذا لم تحل للمهدَى له، وفيه الاعتذار لرد الهدية.