مَكَّةَ: ائْذَنْ لِى أَيُّهَا الأمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) لِلْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِى، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلا يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً. . .) الحديث إلى قوله: (أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لا يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلا فَارًّا بِدَمٍ، وَلا فَارًّا بِخُرْبَةٍ) . قال الطبرى: معنى قوله عليه السلام: (لا يعضد بها شجرة) يعنى: لا يفسد ولا يقطع، وأصله من عضد الرجلُ الرجلَ، إذا أصاب عضده ذلك، عضد فلان فلانًا يعضد عضدًا، وفى كتاب العين: العضد من السيوف: الممتهن فى قطع الشجر. قال الطبرى: لا يجوز قطع أغصان شجر مكة التى أنشأها الله فيها مما لا صنع فيه لبنى آدم، إذا لم يجز قطع أغصانها فقطع شجرها بالنهى عن ذلك أولى. وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على تحريم قطع شجر الحرم، واختلفوا فيما يجب على من قطعها، فذهب مالك إلى أنه لا يجب عليه إلا الاستغفار، وهو مذهب عطاء، وبه قال أبو ثور، وذكر الطبرى عن عمر بن الخطاب مثل معناه. وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن قطع ما أنبته آدمى فلا شىء عليه، وإن قطع ما أنبته الله كان عليه الجزاء حلالا كان أو حرامًا، فإن بلغ هديًا كان هديًا، وإن قُوم طعامًا فأطعم كل مسكين نصف صاع. وقال الشافعى: عليه الجزاء فى الجميع، المحرم والجلال فى ذلك سواء، فى الشجرة الكبيرة بقرة، وفى الخشب قيمته ما بلغت دمًا كان أو طعاما. وحكى بعض أصحاب الشافعى أن مذهبه كمذهب أبى حنيفة فيما أنبته الآدمى، ذكره ابن القصار، واحتجوا بقوله عليه