ولما اختلفوا فى التأويل طلبنا الوجه فيه من كتاب الله، فوجدنا الله قال:(فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)[التوبة: ١٠٨] ، وقال الشعبى: لما نزلت هذه الآية، قال (صلى الله عليه وسلم) : تمت يا أهل قباء، ما هذا الثناء الذى أثنى الله عليكم -؟ قالوا: ما منا أحد إلا وهو يستنجى بالماء. وروى سفيان، عن يونس بن خباب، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن عبد الله بن خباب، أن أهل قباء ذكروا للنبى، (صلى الله عليه وسلم) ، الاستنجاء بالماء، فقال: تمت إن الله قد أثنى عليكم فدوموا -. وقال محمد بن عبد الله بن سلام: أما تجدوه مكتوبًا علينا فى التوراة الاستنجاء بالماء -، فدل ذلك أن الطهارة المذكورة فى الآية الأولى هى هذه الطهارة. وقال غيره: روت معاذة، عن عائشة، قالت: مُرن أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط والبول والماء، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يفعله. وروى مالك فى موطأه، عن عمر بن الخطاب، أنه كان يتوضأ بالماء وضوءًا لما تحت إزاره. قال مالك: يريد الاستنجاء بالماء، وترجم لحديث أنس باب من حمل معه الماء لطهوره، وباب حمل العَنَزَة مع الماء فى الاستنجاء. قال المهلب: معنى حمل العنزة، والله أعلم، أنه كان إذا استنجى توضأ، وإذا توضأ صلى، فكانت العنزة لسترته فى الصلاة. وفيه: أن خدمة العالم، وحمل ما يحتاج إليه من إناء وغيره، شرف للمتعلم، ومستحب له، ألا ترى قول أبى الدرداء: أليس