للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأحد بعدى، وقد عادت حرامًا إلى يوم القيامة) فلا يجوز لأحد أن يدخلها إلا بإحرام؛ وهو قول ابن عباس والقاسم والحسن البصرى. قال المؤلف: والصحيح فى معنى قوله: (لا تحل لأحد) يريد بمثل المعنى الذى حل للنبى عليه السلام وهو محاربة أهلها وقتالهم وردهم عن دينهم، على ما تقدم فى باب (لا يحل القتال بمكة) عن الطبرى. وهو أحسن من قول الطحاوى أن الذى خص به عليه السلام دخول مكة بغير إحرام. واحتج من أجاز دخولها بغير إحرام أن فرض الحج مرة فى الدهر، وكذلك العمرة وهى مرة فى الأبد، فمن أوجب على الداخل مكة إحرامًا فقد أوجب عليه ما أوجبه الله. وفى قتل النبى (صلى الله عليه وسلم) لابن خطل فى الفتح حجة لمن قال أن النبى (صلى الله عليه وسلم) دخل مكة عنوة، وهو قول مالك وأبى حنيفة وجماعة المتقدمين والمتأخرين، وقال الشافعى وحده: فتحت صلحًا. وفائدة الخلاف فى هذه المسألة ما ذهب إليه مالك والكوفيون أن الغانمين لا يملكون الغنائم ملكًا مستقرا بنفس الغنيمة وأنه يجوز للإمام أن يمنَّ ويعفو عن جملة الغنائم كما منَّ على الأسرى وهم من جملة الغنائم، ولا خلاف بينهم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مَنَّ على أهل مكة وعفا عن أموالهم كلها. قال أبو عبد الله بن أبى صفرة: إنما قتل ابن خطل؛ لأنه كان يسب النبى (صلى الله عليه وسلم) وقد عفا عن غيره ذلك اليوم ممن كان يسبه، فلم ينتفع ابن خطل باستعاذته بالبيت ولا بالتعلق بأستار الكعبة، فدل ذلك على العنوة، وعلى أن الحدود تقام بمكة على من وجبت عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>