وذهب مالك إلى أن من تطيب أو لبس فنزع اللباس وغسل الطيب فى الحال فلا شىء عليه. وقال الشافعى: لا شىء عليه وإن طال وانتفع. والشافعى أشد موافقة للحديث؛ لأن الرجل كان أحرم فى الجبة المطيبة، فسأل الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك فلم يجبه حتى أوحى إليه وسُرى عنه، فطال انتفاع الرجل باللبس والطيب ولم يوجب عليه النبى عليه السلام كفارة، وقول مالك احتياط؛ لأن الحلق والوطء والصيد نُهى عنه المحرم، وحُكْمُ العمد والسهو فيها سواء إذا وقعت، وكذلك الصوم لو أكل فيه وهو ساهٍ لفسد الصوم، فكذلك الحج. وفى هذا الحديث رد على من زعم أن الرجل إذا احرم وعليه قميص أنَّ له أن يشقه، وقال: لا ينبغى أن ينزعه؛ لأنه إذا فعل ذلك فقد غطى رأسه وذلك لا يجوز له، فلذلك أُمر بشقه، وممن قال هذا: الحسن والشعبى والنخعى وسعيد بن جبير. وجميع فقهاء الأمصار يقولون: من نسى فأحرم وعليه قميص أنه ينزعه ولا يشقه. واحتجوا بأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمر الرجل بأن ينزع الجبة ولم يأمره بشقها، وهو قول عكرمة وعطاء. وقد ثبت عنه عليه السلام أنه نهى عن إضاعة المال، والحجة فى السنة لا فيما خالفها. قال الطحاوى: وليس نزع القميص بمنزلة اللباس؛ لأن المحرم لو حمل على رأسه ثيابًا أو غيرها لم يكن بذلك بأس ولم يدخل بذلك فيما نهى عنه من تغطية الرأس بالقلانس وشبهها؛ لأنه غير لابس؛ فكان النهى إنما وقع من ذلك على ما يلبسه الرأس لا على ما يغطى به، وكذلك الأبدان إنما نُهى عن إلباسها القمص ولم يُنه عن تجليلها بالإزار؛ لأن ذلك ليس بلباس المخيط، ومن نزع قميصه فَلاقَى ذلك