وإنما قالت: إنها نزلت وأبى شيخ. أى: فرضت فى وقتٍ أبى كبير لا يلزمه فرضها، فلم ينكر عليه السلام قولها، وقد يمكن أنها وهمت أن الذى فرض على العباد يجوز أن يدخل فيه أبوها غير أنه لا يقدر على الأداء. ولا يمتنع أن يتعلق الوجوب بشرطية القدرة على الداء، فيكون الفرض وجب على أبيها ثم وقت الداء كان عاجزًا؛ لأن الإنسان لو كان واجدًا للراحلة والزاد، وكان قادرًا ببدنه؛ لم يمتنع أن يقال له فى الحرم: قد فرض عليك الحج، فإن بقيت على ما أنت عليه إلى وقت الحج لزمك الداء وإلا سقط عنك. ونحن نعلم أنه فرض تراخى عن وقت الحج المضيق، وإنما سألته فى وقت الداء عن ذلك، وقولها:(أفأحج عنه؟ قال: نعم) لا يدل على أن الأداء كان مقدرًا عليه فسقط بفعلها، ولكنه أراد عليه السلام أنها إن فعلت ذلك لحقه ثواب ما [. . . . . .] من دعائها فى الحج، كما لو تطوعت بقضاء دينه، لا أنه مثل الدين فى الحقيقة؛ لأن الدين حق لآدمى يسقط بالإبراء ويؤدى عنه مع القدرة والعجز بأمره مع الصحة وغير أمره، ولو كان كالدين كان إذا حجت عنه ثم قوى وصح سقط عنه، كما يقضى دين المعسر. وفى حديث الخثعمية جواز حج المرأة عن الرجل، وأجازه جماعة الفقهاء إلا الحسن بن صالح؛ فإنه قال: لا يجوز. واعتل بأن المرأة تلبس الثياب فى الإحرام والرجل لا يلبسها. قال ابن المنذر: وهذه غفلة وخروج عن ظاهر السنة؛ لأن النبى عليه السلام أمر المرأة أن تحج عن أبيها، وعلى هذا يعتمد من أجاز الحج عن غيره.