أفضل منه من أوتى منازل الصديقين، وحمل الناس على شرائع الله وسنن نبيه، وقادم إلى الخيرات، وسبب لهم أسباب المنفعة فى الدين والدنيا، لكن إنما أراد (صلى الله عليه وسلم) والله أعلم أفضل أحوال عامة الناس؛ لأنه قد يكون فى خاصتهم من أهل الدين والعلم والفضل والضبط بالسنن من هو أفضل منه. وقوله فى حديث أبى هريرة:(والله أعلم بمن يجاهد فى سبيله) يريد والله أعلم بعقد نيته إن كانت لله خالصة وإعلاء كلمته، فذلك المجاهد فى سبيل الله، وإن كان فى نيته حب المال والدنيا واكتساب الذكر فيها فقد شرك مع سبيل الله سبيل الدنيا. وقوله:(كمثل الصائم القائم) يدل أن حركات المجاهد ونومه ويقظته حسنات، وإنما مثله بالصائم؛ لأن الصائم ممسك لنفسه عن الأكل واللذات، وكذلك المجاهد ممسك لنفسه على محارسة العدو، وحابس نفسه على مراعاته ومقابلتة. وقوله:(مع ما نال من أجر أو غنيمة) إنما أدخل (أو) هاهنا؛ لأنه قد يرجع مرة بالأجر وحده، وقد يرجع أخرى بالأجر والغنيمة جميعًا، فأدخل (أو) لتدل على اختلاف الحالين، لا أنه يرجع بغنيمة دون أجر، بل أبدًا يرجع بالأجر كانت غنيمة أو لم تكن. قال أبو عبد الله بن أبى صفرة: تفاضلهم فى الأجر وتساويهم فى الغنيمة دليل قاطع أن الأجر يستحقونه لقتالهم، فيكون أجر كل واحد على قدر عنائه، وأن الغنيمة لا يستحقونها بذلك لكن بتفضل الله عليهم ورحمته لهم بما رأى من ضعفهم، فلم يكن لأحد فضل على غيره إلا أن يفضله قاسم الغنيمة فينفله من رأسها، كما نفل أبا