وفيه: زَيْدَ، نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِى الْمَصَاحِفِ، فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأحْزَابِ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقْرَأُ بِهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا إِلا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأنْصَارِىِّ الَّذِى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) شَهَادَتَهُ بشَهَادَة رَجُلَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:(رِجَالٌ صَدَقُوا (. قال المهلب: وفيه الأخذ بالشدة واستهلاك الإنسان نفسه فى طاعة الله. وفيه الوفاء بالعهد لله بإهلاك النفس، ولا يعارض قوله: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)[البقرة: ١٩٥] ؛ لأن هؤلاء عاهدوا الله فوفوا بما عاهدوه من العناء فى المشركين وأخذوا فى الشدة بأن باعوا نفوسهم من الله بالجنة كما قال تعالى. ألا ترى قوله:(فما استطعت ما صنع) يريد ما استطعت أن أصف ما صنع من كثرة ما أغنى وأبلى فى المشركين. وقوله:(إنى أجد ريح الجنة من قبل أحد) يمكن أن يكون على الحقيقة، لأن ريح الجنة يوجد من مسيرة خمسمائة عام، فيجوز أن يشم رائحة طيبة تشهيه الجنة وتحببها إليه، ويمكن أن يكون مجازًا، فيكون المعنى إنى لأعلم أن الجنة فى هذا الموضع الذى يقاتل فيه؛ لأن الجنة فى هذا الموضع تكتسب وتشترى. وأما قوله:(ففقدت آية من الأحزاب، فلم أجدها إلا مع خزيمة) فلم يرد أن حفظها قد ذهب عن جميع الناس فلم تكن عندهم؛ لأن زيد بن ثابت قد حفظها. وروى أن عمر قال:(أِشهد لسمعتها من رسول الله) وروى أن أبى بن كعب قال مثل ذلك، وعن هلال بن أمية أيضًا، وإنما أمر أبو بكر عند جمع الصحف عمر بن الخطاب وزيدًا