وقد تقدم هذا المعنى فى كتاب الوضوء والحمد لله. وفى حديث عثمان من الفقه أنه فرضٌ على العالم تبليغ ما عنده من العلم وبثه فى الناس، لأن الله قد توعد الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى باللعنة من الله وعباده، وأخذ الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه، وهذه الآية وإن كانت نزلت فى أهل الكتاب، فقد دخل فيها كل من علم علمًا تعبد الله العباد بمعرفته، ولزمه من بثَّه وتبلغيه ما لزم أهل الكتاب من ذلك، والله الموفق. قال المهلب: فيه: أن الإخلاص لله فى العبادة، وترك الشغل بأسباب الدنيا يوجب الله عليه الغفران، ويتقبله من عبده، وإذا صح هذا وجب أن يكون من لها فى صلاته عما هو فيه، وشغل نفسه بالأمانى، فقد أتلف أجر عمله، وقد وبخ الله بذلك أقوامًا:(لاهية قلوبهم)[الأنبياء: ٣] وقد جاء أن الله لا يقبل الدعاء من قلبٍ لاهٍ. قال غيره: وأما من وسوس له الشيطان وحدث نفسه فى صلاته بأشياء دون قصد منه لذلك، فإنه يرجى أن تقبل صلاته، ولا تبطل، وتكون دون صلاة الذى لم يحدث نفسه، بدليل أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، قد اشتغل باله فى الصلاة حتى سها، وهذا قل ما يسلم منه أحد، وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : تمت إن الشيطان لا يزال بالمرء فى صلاته يذكره ما لم يكن يذكر حتى لا يدرى كم صلى -. وقوله فى حديث عثمان: تمت لا يحدث فيها نفسه -، يدل على هذا المعنى، لأنه ما ضمنه لمراعى ذلك فى صلاته من الغفران يدل على أنه قل ما تسلم صلاته من حديث نفس.