للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أنه متى سمع الإنسان حس سلاح بالليل أن يقول: من هذا؟ ويعلم أنه ساهر لئلا يطمع فيه أهل الطلب للغرة والغفلة؛ فإذا علم أنه مستيقظ ردعهم بذلك. وقوله: (تعس عبد الدينار والدرهم) يعنى: إن طلب ذلك، وقد استعبده وصار عمله كله فى طلب الدينار والدرهم كالعبادة لهما. وقوله: (إن أعطى رضي) أى: وإن أعطى ما له عمل رضى عن معطيه وهو خالقه عز وجل، وإن لم يعط سخط ما قدر له خالقه ويسر له من رزقه، فصح بهذا أنه عبد فى طلب هذين، فوجب الدعاء عليه بالتعس؛ لأنه أوقف عمله على متاع الدنيا الفانى وترك العمل لنعيم الآخرة الباقي. والتعس: ألا ينتعش ولا يفيق من عثرته، وانتكس أى: عاوده المرض كما بدأه، هذا قول الخليل. وقال ابن الأنبارى: التعس: الشر، قال تعالى: (فتعسًا لهم (أراد ألزمهم الله الشر. هذا قول المبرد. وقال غيره: التعس: البعد. وقال الرستمى: التعس أن يخر على وجهه، والنكس أن يخر على رأسه، قال: والتعس أيضًا: الهلاك. ثم أكد الدعاء عليه بقوله: (وإذا شيك فلا انتقش) أى: إذا أصابته شوكة فلا أخرجها بمنقاشها، فيمتنع السعى للدينار والدرهم، ثم حض على الجهاد فقال: (طوبى لعبد ممسك بعنان فرسه) إلى آخر الحديث فجمع فى هذا الحديث مدح من العمل: خير الدنيا والآخرة لقوله: (الخيل معقود فى نواصيها الخير) الأجر: والغنيمة: ونعيم الآخرة بقوله: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم (الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>