للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر مالك أن عمر بن الخطاب كان يمنع الناس من ركوب البحر فلم يركبه أحد طول حياته، فلما مات استأذن معاوية عثمان بن عفان فى ركوبه؛ فأذن له فلم يزل يركب حتى كان عمر بن عبد العزيز فمنع من ركوبه، ثم ركب بعده إلى الآن. ولا حجة لم منع ركوبه؛ لأن السنة قد أباحت ركوبه فى الجهاد للرجال والنساء فى حديث أنس وغيره وهى الحجة فيها الأسوة، وقد ذكر أبو عبيد أن النبى (صلى الله عليه وسلم) نهى عن ركوب البحر فى وقت ارتجاجه وصعوبته قال: حدثناه عباد بن عباد، عن أبى عمران الجونى، عن زهير بن عبد الله يرفعه أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (من ركب البحر إذا التج أو قال: ارتج فقد برئت منه الذمة أو قال: فلا يلومن إلا نفسه) قال أبو عبيد: وأكبر ظنى أنه قال: (التج) باللام. فدل هذا الحديث أن ركوبه مباح فى غير وقت ارتجاجه وصعوبته فى كل شيء فى التجارة وغيرها، وسيأتى فى كتاب البيوع فى (باب التجارة فى البحر) زيادة فى هذا المعنى إن شاء الله ولم يفسر أيو عبيد قوله: (برئت منه الذمة) ومعناه إن شاء الله -: فقد برئت منه ذمة الحفظ؛ لأنه ألقى بيده إلى التهلكة وغرر بنفسه، ولم يرد فقد برئت منه ذمة الإسلام؛ لأنه لا يبرأ أحد من الإسلام إلا بالكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>